ما حكم قراءة القرآن بدون وضوء من المصحف والجوال

o

يتساءل مسلمون ما حكم قراءة القرآن بدون وضوء من المصحف والهاتف الجوال؟، حيث يرغب كثيرون في تلاوته بأوقات هم على غير طهارة فيها، والثابت من نصوص الذكر الحكيم أنه "لا يمسه إلا المطهرون" فهل يجوز لمسه مطلقا أو في حالات معينة؟ وما موقف التلفظ بآياته دون الإمساك به أو عن طريق جهاز وسيط إلكتروني؟

وأجابت دار الإفتاء المصرية على سؤال في هذا الشأن من خلال أمين لجنة الفتوى بها، الدكتور محمود شلبي، والذي قال بعدم جواز قراءة القرآن من المصحف الورقي بدون وضوء، مع إباحة القراءة عن ظهر الغيب، معللا ذلك بأن مسّه شرطه الطهارة، مستشهدا بقول الله تعالى في كتابه الكريم بسورة الواقعة "لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ"، وفسره الآية صحابة بأن المطهرين تعني الملائكة، ولكن لفظ المطهرين يُستدل به على أن من اتصف بالطهارة فقط هو المسموح له بلمس المصحف والإمساك به.

اقرأ أيضا: ما هي كفارة اليمين بالترتيب وأنواعها بالتفصيل؟

ومن السنة النبوية المطهرة ما يؤكد نفس المعنى والحكم، ومنه ما رواه الإمام مالك في كتابه الموطأ، عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبيه -الراوي-: "ألا يمس القرآن إلا طاهر".

وكلمة مسّ التي تم ذكرها في الحديث معناها في اللغة العربية وضع اليد على الشيء ولمسه، وكما فسرها العلماء المختصون الإتيان بهذا اللفظ هنا ليكون أن استخدام حاسة اللمس باليد في تلك الآية أدعى في النهي أن يكون حمله والقراءة منه غير متاح.

ويُستنبط مما سبق أنه يجوز للمحدث حدثا أصغر أي غير المتوضئ قراءة ما شاء من القرآن دون لمس المصحف، وروي عن علي أنه لم يكن يحجب النبي صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن شيء ليس الجنابة، وذهب جمهور الأئمة إلى أنه يحرم على المحدث حدثا أصغر مس المصحف كما يحرم على الجنب والحائض والنفساء، وذهب ابن عباس والشعبي والضحاك وداود إلى جواز مسه المصحف، بحسب ما ورد في كتاب شرح وضوء وغسل المصطفى من فتح الباري شرح صحيح البخاري ونيل الأوطار للشوكاني.

اقرأ أيضا: حكم صيام يوم الجمعة.. أحكام صوم الجمعة والسبت منفردين تطوعا أو قضاء

وجاء في نفس الكتاب أن الإمام أحمد استدل بحديث ابن عمر: "ولا يمس المصحف إلا على طهارة"، واستثنى الجمهور مسه بحائل منفصل كخريطة أو وعاء فأجازوه وأجاز الإمام محمد بن الحسن من الحنفية في إحدى الروايات عنه مسه بالكم، بناء على أن المحرم هو المس مباشرة باليد بلا حائل، وفي الرواية الأخرى أنه يحرم بنا على أن المباشرة لا يلزم أن تكون باليد، والكم متصل بالملابس فيكون مباشرا للمس.

ويستدل أهل العلم بعدد من النصوص والتفسيرات على أن هناك قولا لبعض الأئمة بجواز مس المصحف لمن به حدث أصغر يسوغ الأخذ به عند الضرورة، ومنه إباحة داود الظاهري لذلك مستدلا بكتبا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر وفيه آية، وأجاب آخرون على هذا بأن الرسائل لا تأخذ حكم المصحف.

يتفق العلماء على استحباب ذكر الله على طهارة، وكتاب الله تعالى هو أعظم هذا الذكر، ولكنهم رجحوا عدم وجوب الطهارة عند قراءة القرآن من الجوال أو الحاسوب أيضا حتى مع لمس الشاشة لأن الجهاز لا يأخذ حكم المصحف في تعظيمه وبيعه وإهانته، كما ذكر عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي في كتابه أسطر في النقل والعقل والفكر.

حكم صيام يوم عرفة للحاج ولغير الحاج ومنفردا إذا وافق السبت

وعلى المسلم أن يستخرج من تلك الأحكام أدعاها للمواظبة على تلاوة القرآن وحفظه لنيل ثواب التعبد بالقراءة، وألا يتخذ من الحالات التي لا تسمح له بذلك أن يهجره فالأولى به أن يزيل الحدث ويتوضأ أو يغتسل على حسب الحاجة ليكون قادرا على مس المصحف، وإن شق عليه ذلك يحتفظ بنسخة من القرآن على الهاتف حتى لا يدع لنفسه عذر للتقصير.

o