حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم مع الدليل حتى لا تتشتت

يتجدد السؤال كل عام عند حلول احتفالات أعياد الميلاد عند المسيحيين حول حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم ومناسباتهم الدينية من جانب المسلم، ويتكرر الجدل الذي نشهده مرارا خلال أيام السنة مع اقتراب المناسبات المختلفة لأصحاب الديانات الأخرى.

مستجاب  يجيب على التساؤل هل يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم أو أهل الكتاب أو الكفار أو النصارى باختلاف المسميات في الشريعة الإسلامية من خلال آراء المذاهب الفقهية والشيخ الشعراوي وابن عثيمين والأزهر الشريف ودار الإفتاء مع الدليل لكل فتوى؛ لتستخلص إجابة كافية إن شاء الله.

حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم للشيخ الشعراوي

يقول الشيخ الشعراوي إنه يجب علينا أن نستعيذ بالله من أن نصنع تصرفا يرضي عنا اليهود أو النصاري، ومعنى أن أتصرف تصرف يرضي اليهود أو النصاري فبحكم الله علي تبعت ملهتهم؛ لأنه سبحانه قال في كتابه الكريم "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملته"، فنعوذ بالله تعالى أن نكون منهم محل الرضا.

ويضيف أنه يجب التفرقة بين الرضا وبين التعايش؛ لأن التعايش يقتضي أن تتحمل فعل قالب ولكن لا بحب قلب، والرضا هو أن تفعل فعل القالب بحب القلب، ولذلك كان عهده صلى الله عليه وسلم مع اليهود لا رضا منه عليهم ولا رضا منهم عليه وإنما تعايشا فقط، لأنه ما كان لرسول الله أن يفعل فعلا ترضى عنه به اليهود؛ لأنه إن رضيت اليهود عن واحد فليحكم بأنه فارق ملة الله.

حكم تهنئة النصاري بأعيادهم على مذاهب الفقهاء

الحكم الشرعي الذي ساقه الإجماع مستمد من مذهب الشافعية والحنابلة الذين قالوا إنه لا يجوز تهنئة غير المسلمين بالأعياد حتى المسالمين منهم، مع جواز كل صور التعايش السلمي إن كانوا لا يعادون المسلمين، وأمثلة ذلك المشاركة في المناسبات الشخصية وعيادتهم إذا مرضوا والتصدق على الفقير منهم أو الإهداء، وزيارة الأنساب منهم، والأعياد الدينية فقط هي المحرم التهاني فيها لمخالفة أصلها لأصول الشريعة الإسلامية.

حكم تهنئة الكفار بأعيادهم الشيخ ابن عثيمين

وللشيخ ابن عثيمين رحمه الله رأي مماثل حيث أجاب بأن تهنئة النصاري بأعيادهم محرم وأنها مسألة محرمة بالاتفاق كما نقل ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة لأن المهنأ لهم هنأهم بشعائر الكفر كما لو هنأهم بعبادة الصليب أو أكل الخنزير، وحتى لا يغتروا ويطول عليهم الأمد.

وذهب الشيخ ابن عثيمين إلى أن مشاركة غير المسلمين في أعيادهم حتى لو بصنع الأطعمة وما يعينهم على الاحتفال فهو حرام كذلك وإن كان دون التهنئة فيجب الابتعاد عن كنائسهم واجتناب مشاركتهم في احتفالهم الديني وشعائرهم، وهذا حرام باتفاق المذاهب الأربعة.

قد يهمك: حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والتهنئة بمولد النبي

حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم الأزهر

يقول شيخ الأزهر الشريف عن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم إن قول المولى عز وجل في القرآن الكريم "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم" أليس من البر أن أقول لهم في عيد الميلاد الذي هو محوري عندهم كل سنة وأنت طيب أو عيد سعيد.

ويتابع: الذي يحرم لا يفقه الإسلام، فالإسلام علمنا أن النصاري أقرب مودة للمسلمين، فهل هذه المودة توافق عدم تهنئة المسيحيين بأعيادهم.

دار الإفتاء المصرية حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم

أوضحت دار الإفتاء المصرية توجهها ردا على سؤال مماثل وردها تزامنا مع احتفالات رأس السنة الميلادية بالقول إن هذا أمر جائز مباح لا مانع منه شرعا، بل هو من الإحسان الذي أمر الله تعالى به حينما قال في كتابه "وقولوا للناس حسنا"، واستشهد بنفس الآية التي استند لها شيخ الأزهر في فتواه.

التقييد الوحيد الذي وضعته دار الإفتاء في التهنئة بعيد الميلاد أو غيره هو عدم التلفظ بألفاظ تتعارض مع العقيدة الإسلامية.

ويتفق مع هذا الرأي مفتي الديار المصرية السابق، الدكتور علي جمعة، الذي قال إن استنباط الحكم يكون من تصرف النبي عليه الصلاة والسلام عندما رأى السهود يصومون يوما فسأل عن السبب وكان الجواب إنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى فقال المصطفى "نحن أولى بموسى منهم"، فنحن لا نفرق بين أحد من رسل الله.

الفصل في حكم تهنئة النصارى في أعيادهم

موقف الفتوى التي أطلقها هؤلاء المبيحين وهذا الخلاف يتلخص في كونهم يدللون أن ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم نص بالمنع فيتسع فيها المجال للنقاش والخلاف، مع الاتفاق أنه لم يثبت عن النبي أو صحابته الكرام أنهم هنأوا غير مسلم بعيده، والاستناد عند كل الآراء لنصوص عامة أخرى كحديث النبي "من تشبه بقوم فهو منهم" أو "لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بسلام".

وعليه قالوا تجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم مثل الكريسماس أو بمناسبة ميلاد نبي الله عليسى عليه السلام، باعتباره من باب مكارم الأخلاق التي جاءت بها رسالة المصطفى، وهو نفسه الذي قبل الهدية من غير المسلمين.

وأما قول تحريم التهنئة والذي عليه العلماء المتأخرين والتي أشرنا إلى أن جميعها تتفق في أن مشاركة غير المسلمين مظاهر عيدهم محرم قالوا إن أمر العقيدة لا محاباة فيه وعلى كل مؤمن ألا يقترب من كل ما يخالف الشرع الحنيف، فالنهي من الاقتراب منهم كما في حديث "لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم" يستلزم الابتعاد ولو بالقول الذي يخرج من اللسان بالتهنئة.

يقول نبينا صلوات ربي والصلاة عليه "إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام".





  • الزيارات : 17241
  • المشاهدات : 14677
  • Amp : 3073

i
  • التعليقات
  • الفيس بوك
  • Disqus
    جاري تحميل التعليقات انتظر من فضلك ..

    مواقع التواصل الاجتماعي

    X